كلام الناس لا بيقدم ولا يأخّر .. كلام الناس ملامة وغيرة مش أكتر...هكذا تري كلمات اغنية الفنان جورج وسوف ... والحقيقة ان كلام الناس مهم جدا...فكلام الناس فى مدرجات كرة القدم يغير مدربين ويدفعهم للتخلى عن مواقعهم اذا ما ساءت نتائج فرقهم .. وكلام الناس فى المدرجات عندما يتحول الى هتافات يضع بعض اللاعبين على القمة مثلما تفعل جماهير ليفربول الانجليزي عندما تغنى وتهتف باسم محمد صلاح...وكلام الناس فى مدرجات الملاعب الرياضية هو ما يدفع بعض اللاعبين الى الاعتزال وترك الملاعب قبل ان يتعرضوا للطرد من حشود الناس الغاضبة.. واذا تعددت شكاوي سكان عمارة وتوافقت آراؤهم على سوء الخدمات التى يقدمها مأمور العمارة او رئيس مجلس إدارتها تكون النتيجة إما حدوث صراع فى العمارة أو أن يترك رئيس مجلس الإدارة مكانه لآخر يستطيع أن يتفاهم بصورة أفضل مع السكان ويوفر لهم الخدمات التى يحتاجونها.
وفى العلوم السياسية وكما درسنا فى كلية الاقتصاد والعلوم السياسية فإن كلام الناس يمكن وصفه ب (الرأي العام) والرأى العام يعنى أنه يعبر عن آراء أكبر عدد من الناس أو لنقل الأغلبية ولو كانت نسبية.. والرأى العام يكون حول الموضوعات التى تهم أكبر عدد من الناس ، فلا يوجد رأى عام حول أيهما أجمل الشمس أم القمر ، ولا يوجد رأى عام حول اقتناء الألماس أم الذهب .. فالرأى العام من صفاته أنه يمس حياة أكبر عدد من الناس ولذلك نجد كلام الناس أو (الرأى العام) حول كفاءة الخدمات الصحية وجودة التعليم وأسعار السلع والخدمات التى لا يمكن الاستغناء عنها ولا تعتبر بحال من الكماليات ، فببساطة لا يوجد رأى عام حول سعر السيمون فاميه أو الكافيار أو الكاجو ولكن يوجد رأى عام حول سعر السمك البلطى والمكرونة والزيت والأرز والسكر والشاى.
ومن صفات الرأى العام كما وصفه أستاذ العلوم السياسية والمفكر الراحل حامد ربيع أنه مثل المرأة اللعوب ، فلا ضمانة لاستمرار الرأى العام كما هو دون تغيير لفترة زمنية ما ، فالرأى العام الذى يصفق لمدرب اليوم قد يسبه بعد ايام ويطالب برحيله.
كما علمنا الدكتور حامد ربيع أن احترام كلام الناس (الشعب) أو(الرأي العام) يعد من دلائل وعلامات أي نظام ديمقراطى.. وأن النظام الديمقراطى يهتم جدا بدراسات الرأي العام واتجاهات الرأى العام بل ويغير من سياساته استجابة لكلام الناس أو الشعب أو الرأى العام.
وحكى لى أساتذتى فى الهيئة العامة للاستعلامات من الرعيل الأول أن الزعيم الراحل جمال عبدالناصر كان يهتم جدا بتقارير الرأى العام التى تعدها الهيئة من خلال مراكز ومجمعات الإعلام الداخلى المنتشرة فى كل أنحاء مصر.. بل وأكدوا أن ناصر رحمه الله كان يطلب من رئيس هيئة الاستعلامات موافاته بتقرير عن نكات الناس كما هى دون تعديل أو تخفيف حتى لو كانت تتعلق به هو شخصيا.
الخلاصة مع الاعتذار لكلام الأغانى يمكن القول أن كلام الناس يقدم ويؤخر، وكلام الناس نقد وتوجيه ونصح.. كلام الناس أو كلام الشعب أو الرأى العام يجب التعامل معه بكل الجدية والاحترام والاهتمام ، بل ويجب عدم السخرية من كلام الناس أو توجهات الرأي العام.
-------------------------
بقلم: عبدالغني عجاج
